هذا الموضوع متعلق بموضوع (عالقون بين السماء والارض) ولكن هذا كله « حالات فردية «، تملؤنا بالحزن والأسى ثم تمر وتفسح مكانها لغيرها، كذا الدنيا لا تخلو من شرير الى جوار ألف طيب، أما ما لا يمر ولا ينسى ولا تخمد نيرانه أو يهدأ ألمه فتلك المجازر بقرار فرد واحد، كقرارات حروب الإبادة التي يتخذها فرد واحد دون مبالاة بأن وراء كل شهيد آمال لم يتحقق منها شيء وأطفال يعولهم أو عجائز يرعاهم أو حق وهبه الله عز وجل له في أن يعيش في الدنيا التي أوجده فيها، مجازر العراق ومجازر غزة وغيرهما. ما زلت أسمع جملة لامرأة مختلة الضمير «Enough is enough « « لا يكفي إلا الكفاية، قالتها ليفني على خلفية من آلاف قطع الأشلاء لأطفال ونساء ليس لهم أي ذنب، وتعلن بفخر أن ذلك ليس بالكافي.. أي عقاب في الدنيا يكون كافياً وأي عقاب في الآخرة ؟
أنتقل الى مشهد سابق، كنت أرقب فيه « شارون « وهو يدخل الى اجتماع وزاري مندفعا، قوة للزهو والخيلاء تشده من الأمام، وقوة معادلة تدفعه من الخلف، زهو لأنه « رجل « الأمجاد على مسار إبادة شعب فلسطيني بكامله فهذا هو الحلم الإسرائيلي وهذا هو قائد الأحلام، من بوسعه آنذاك أن يعاقبه في الدنيا وأصحاب القضية صامتون ؟ وفي غمرة الانتشاء بالإفلات من عقاب الدنيا نسي عقاب الآخرة حتى أصبح أي عقاب في الدنيا لا يكفي وأي عقاب في الآخرة..
أرسلت المستشفى التي يرقد فيها الى أسرته تطالبها أن تأخذه، فهو ليس ميتا ولا حيا، ليستفيد من سريره آخر، وعقب الحاخام اليهودي على ذلك في محاضرته: « ماذا نفعل بهذا الرجل، فالأرض تلفظه، والسماء لا تقبله « ، فهل هناك عقاب أشد من أن يكون ظالم عالقا بين السماء والأرض، ترفض الأرض أن يكون بين ساكنيها، وترفض السماء أن تتسع لشموله بالعقاب لا الرحمة؟